web analytics

اختر الصفحة

تاريخ شارع نانا حي العرب في بانكوك

تاريخ شارع نانا حي العرب في بانكوك

في قلب بانكوك، وعلى امتداد الجزء السفلي من طريق سوخومفيت، تقع منطقة نانا، واحدة من أكثر الأحياء حيوية وتنوعًا ثقافيًا في المدينة. رغم حجمها الصغير، تحولت نانا عبر العقود إلى مرآة حقيقية للعولمة ونموذج للتعايش الحضاري، حيث تتلاقى فيها الجنسيات والثقافات  في لوحة حضرية فريدة.

الجذور التاريخية لنانا

تعود بدايات منطقة نانا إلى ثلاثينيات القرن الماضي، مع بدء إنشاء طريق سوخومفيت في عام 1936 واكتماله عام 1950. هذا التطوير جذب مجتمعات متنوعة، وعلى رأسها الجالية الهندية التي استقرت هناك وأسهمت بشكل كبير في نهضة المنطقة. وقد تم تسمية الشارع “نانا” تكريماً لأحمد إبراهيم نانا، رجل أعمال هندي بارز ساهم في تطوير الحي اقتصاديًا واجتماعيًا.

نانا في زمن الحرب والسلام

خلال حرب فيتنام، كانت نانا محطة للراحة والاستجمام للجنود الأمريكيين، مما وضعها على خارطة السياحة العالمية مبكرًا. ومع مرور الوقت، بدأ الزوار من الشرق الأوسط وآسيا يتوافدون على المنطقة، لتتحول نانا إلى وجهة عالمية تعكس تنوع بانكوك.

نانا والعولمة: تجارة وثقافة وسياحة طبية

بحسب دراسة نُشرت في مجلة Veridian التابعة لجامعة سيلباكورن، فإن نانا تُعد نموذجًا حيًا لتأثير العولمة على المجتمعات المحلية. تحولت العناصر الثقافية مثل المأكولات، الأزياء، واللغات إلى أدوات اقتصادية تخدم صناعة السياحة. فهنا يمكنك تناول وجبة عربية، التسوق من متاجر هندية، والإقامة في فنادق دولية—all in one street.

ومن أبرز ملامح هذه العولمة، السياحة الطبية. مستشفى بومرونجراد الدولي القريب من المنطقة، استقطب آلاف المرضى سنويًا من الشرق الأوسط وآسيا بفضل سمعته العالمية وتكاليفه المعقولة، مما عزز مكانة نانا كمركز صحي دولي.

نانا اليوم: الحي العربي النابض في قلب بانكوك

في السنوات الأخيرة، بات حي نانا يُعرف بين السكان المحليين والزوار باسم “الحي العربي” في بانكوك، لما يشهده من حضور عربي واسع وملحوظ. تنتشر في المنطقة المطاعم اللبنانية والمغربية واليمنية، والمقاهي التي تقدم الشيشة، إلى جانب المتاجر التي تبيع المنتجات الشرق أوسطية، من العطور الشرقية إلى التمور والبهارات. كما تُسمع اللغة العربية في الشوارع، وتُشاهد اللافتات مكتوبة بها، مما يجعل الزائر يشعر وكأنه في أحد أحياء بيروت أو القاهرة.

ساهمت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في بعض الدول العربية في جعل بانكوك، ونانا تحديدًا، وجهة مفضلة للعديد من العرب سواء للسياحة أو الإقامة الطويلة أو العلاج. كما أن قرب مستشفى بومرونجراد الدولي، الذي يضم طاقمًا يتحدث العربية ويقدم خدمات طبية مميزة، زاد من شعبية الحي لدى المسافرين العرب.

تحول نانا إلى مساحة ثقافية مفتوحة للجالية العربية يعكس كيف يمكن للمدن الكبرى أن تحتضن التنوع وتوفر بيئة مرحبة للجنسيات المختلفة. ووسط هذه التعددية، تحافظ نانا على هويتها التايلاندية الغنية، مما يخلق توازنًا فريدًا بين المحلية والعالمية، وبين الأصالة والانفتاح.

عائلة نانا: من الهند إلى قلب بانكوك

وراء اسم الحي تقف عائلة نانا، التي هاجرت من الهند خلال حكم الملك راما الرابع. ساهمت العائلة في تطوير الحي، واستثمرت في العقارات والمشاريع الاجتماعية والخيرية. برز أفرادها، مثل ماناس نانا، في العمل المجتمعي، حيث أسسوا مؤسسات تعليمية ودينية تدعم المجتمع المسلم في تايلاند.

تساؤلات للمستقبل

  • كيف يمكن للمجتمعات مثل نانا أن توازن بين الحفاظ على هويتها الثقافية ومواكبة التغيرات العالمية؟

  • هل يمكن للعائلات ذات النفوذ مثل نانا أن تستمر في لعب دور إيجابي وسط التوسع العمراني الحديث؟

نانا ليست مجرد حي صغير في بانكوك، بل قصة مدينة داخل المدينة. من الهجرات المبكرة إلى موجات السياحة العالمية، ومن التجارة إلى التعدد الديني، تمثل نانا مختبرًا حضريًا لتأثيرات العولمة، ودليلًا على أن التنوع يمكن أن يكون مصدرًا للقوة والنمو. وبين ناطحات السحاب والمحال الصغيرة وروائح التوابل واللغات المتداخلة، تنبض نانا بروح بانكوك الحقيقية عالمية، نابضة، ومتسامحة.

نبذة عن الكاتب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صوره اليوم من تايلند

جوله في شارع العرب بانكوك